كلمة رئيس اللجنة الوطنية الصحراوية لحقوق الانسان الموجهة للندوة الفكرية حول الشهيد محمد عبد العزيز
وجه رئيس اللجنة الوطنية الصحراوية لحقوق الانسان الاخ ابا الحيسن اليوم الاثنين كلمة الى الندوة الفكرية التي نظمتها وكالة الانباء المستقلة حول الشهيد محمد عبد العزيز، تحت شعار على نهج الشهداء نسير وبمشاركة اطارات من مختلف المؤسسات الوطنية
وفيما يلي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله سبحانه وتعالى في محكم التنزيل عن الشهيد: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾. صدق الله العظيم
وفي هذا تعظيمٌ وإعلاءٌ لمنزلة ومكانة الشهيد الذي يضحي بالغالي والنفيس لأجل الحق، فالشهيد هو الذي يستحق أن نتذكّره بجدارة، بكلّ ما في الذكرى من معانٍ ساميةٍ وجليلة.
إن انعقاد الملتقى الفكري للشهيد محمد عبد العزيز، بعد مرور خمس سنوات على رحيله، لهو وقفة للذكرى والترحم والتعمق في فكر الشهيد ومسيرته النضالية الزاخرة بالعطاءات والمحظات المضيئة، كقائد وطني وتاريخي، في سياق تجربة الشعب الصحراوي التحررية وثورته المجيدة وتاريخها النضالي الحافل بالبطولات والمكاسب.
31 ماي الذكرى السنوية الخامسة لرحيل الشهيد الرئيس محمد عبد العزيز رحمه الله، هذه الذكرى الخالدة في سجل تاريخ الشعب الصحراوي المجيد، تحمل بين ثناياها ذكرى لشخصية وطنية من طينة الكبار، أعطى للوطن الكثير ليصبح مثالا للعطاء والتضحية والصبر والحكمة خلال مراحل مسيرة الكفاح والبناء، حيث ان قلوب ابناء هذا الوطن لا تزال تنبض حباً له وعلى ما قدمه لصالح القضية الصحراوية، لقد سطر من خلال عطائه المتعدد الاوجه وعلى كل المستويات اسمه خالدا في سجل تاريخ الشعب الصحراوي.
لقد رافع المرحوم الشهيد وبدون كلل وفي جميع اروقة المحافل الدولية المتعددة ببقاع العالم، لتكسب القضية الوطنية مكاسب وتعاطف وسمعة مميزة، وظهرت حكمته في تعامله مع القضايا الداخلية والخارجية وحرصه الدؤوب على إيجاد الحلول الناجعة لكل الصعوبات والاكراهات.
كان دائما داعيا وملحا لنبذ الفرقة والخلافات والابتعاد عن كل ما من شانه الضرر والمس بوحدة الصف وبالعروة الوثقى بين ابناء الشعب الصحراوي، كان رحمه الله متفائلا وواثقا من ارادة الشعب الصحراوي وقدرته والتحامه بطليعته الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، متمسكا بحتمية النصر.
إن الفقيد محمد عبد العزيز اعطى أروع معاني البذل والصبر والعطاء في سبيل استمرار معركة التحرير الوطني والمقاومة ونسج مكانة متميزة ومحبة في قلوب ابناء الشعب الصحراوي قاطبة.
أن الكلمات والعبارات في هذا المقام الجليل ومهما تعددت وتنوعت فصاحتها وبلاغتها، فلا يمكن لها أن تختصر صفات ومناقب الشهيد رحمه الله، الذي كان ولا يزال نبراساً مضيئاً ينير طريق الوطنين المخلصين الافياء لعهد الشهداء لصيانة الامانة واستكمال المهمة الى غاية استكمال سيادة الجمهورية الصحراوية.
اليوم علينا، أن نستخلص العبر والدروس، وأن نعاهد أنفسنا قبل كل شي وأن نضع مبادئ الجبهة واهدافها السامية ونهج شهداء القضية الوطنية جميعا كدستور عمل لنا لترقية الاداء على كل المستويات وصيانة المكاسب وحماية لحمة الوحدة الوطنية وافشال كل المناورات الدنيئة التي تروم المس من وحدتنا والانتقاص من مكاسبنا والالتفاف على حق شعبنا الثابت في الحرية والاستقلال.
نخلد الذكرى اليوم في هذه الظروف الاستثنائية والصعبة، التي تمر منها البشرية جمعاء بسبب تأثير جائحة كورونا، والمناورات المتعددة الاوجه للاعداء ومن يدور في فلكهم للمس من مكانتنا وعدالة قضيتنا، لكن ذلك لم يمنع من استحضار الحدث بكل معانيه، لتكون سانحة لنا جميعا للتأكيد على الثوابت الوطنية التي ظل الشهيد يدافع عنها طيلة مساره النضالي، والعمل بكل جدية لصد مؤامرات الاعداء الهادفة الى القضاء على مقاومة الشعب الصحراوي.
في ذكرى الرحيل الخامسة لا يسعني في هذا المقام الجليل، إلا أن اذكر، ان الشهيد محمد عبد العزيز كان له الفضل في تأسيس اللجنة الوطنية الصحراوية لحقوقق الانسان يوم 08 مارس2014، وقبلها بشهور، شكل لجنة وطنية من الاطارات الصحراوية لتدارس واعداد وثائق تشكيل اللجنة كمؤسسة وطنية مستقلة معنية بحقوق الانسان الصحراوي، مكملة البناء المؤسساتي للدولة الصحراوية وفي شتى المجالات وعلى كل المستويات..
لقد شرفني رحمه الله بعد ان عينني في منصب رئيس اللجنة في عهدتها الثانية خلفا لاخي المناضل سعيد الفيلالي الذي اقدم له جزيل الشكر والعرفان على عمله القيم ومابذله من جهد، وانني استحضر بهذه المناسبة، توجيهات المرحوم النيرة ونصائحه السديدة من اجل ان تكون اللجنة صوت مرافعا عن الحق ومدافعا عن الشعب الصحراوي في كل المحافل الدولية، مؤكدا في كلمة حفل التنصيب: أن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وموضوع حقوق الإنسان بصفة عامة يعتبران من “الأولويات بالنسبة لجبهة البوليساريو والشعب الصحراوي الذي يُناضل من أجل حقه في تقرير المصير (…) وبالتالي فمهمة اللجنة واضحة وتتجلى أساسا في الدفاع عن الانسان الصحراوي وتمكين الشعب الصحراوي من استرجاع سعادته وتمكينه من حقه في تقرير المصير“.
علينا استحضار عطاءات ودروس ومناقب الشهداء بدءا من الفقيد محمد سيدي إبراهيم بصيري، والشهيد الولي مصطفى السيد وكل قادة وشهداء الحركة الوطنية، الذين شكلوا مرجعية زاخرة بالدروس والعطاءات والامثلة التي ينبغي ان تبقى حاضرة أمامنا للتواصل والاستمرارية على درب التحرير.
هي مناسبة ايضا، لنقف وقفة ترحم وإجلال وتقدير أمام أولئك النساء والرجال العظماء الذين قدموا أغلى ما يملكون، أرواحهم ودمائهم الزكية من أجل حرية وعزة الشعب الصحراوي، ولم يخامرهم أدنى شك ولم يترددوا في التسابق نحو ميادين الشرف وكلهم إيمان وقناعة بعدالة قضيتهم وثقة مطلقة في حتمية الانتصار واستكمال سيادة الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.
مناسبة ايضا، لتوجيه تحية عرفان وتقدير واجلال لجميع المعتقلين السياسيين الصحراويين بالسجون المغربية، فرسان الوطنية ولذويهم أمهاتهم وآبائهم وزوجاتهم وأبنائهم ولكل عائلاتهم وهم الذين يخوضون معركة الكرامة والحرية من أجل حرية وكرامة شعبهم، فمعاناة أسرانا وتحديهم لسجان دولة الاحتلال المغربي مستمرة، ويواجهون ظروفاً مأساوية قاسية، حيث تنتهك حقوقهم وكرامتهم الإنسانية المكفولة بالقانون والمواثيق الدولية في ظل الممارسات اللاإنسانية وبشكل ممنهج من قبل الاحتلال.
تحية اجلال واكبار لارواح الشهداء الذين قضا نحبهم في الدفاع عن الوطن.
تحية اجلال وعرفان لمقاتلي جيش الشعبي الصحراوي الذين حملوا السلاح في وجة هذا العدو الغاشم
تحية اجلال واكبار لكل الجرحى التي سالت دمائهم من اجل الوطن
الخزي والعار للعملاء واتباعهم ولكل من يشكك في انتصار الشعب الصحراوي الابي.
في الختام، علينا ايضا جميعا مسؤولية الحفاظ على هذه المرجعية الغنية والوفاء للعهد وبذل المزيد من الجهد والاجتهاد من اجل تعزيز بناء مؤسسات الدولة الصحراوية وترقيتها والحفاظ على مكاسبنا التي تحققت بالدماء والتضحيات الجسام بالتمسك بالوحدة الوطنية وبالجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي.
رحم الله الشهيد محمد عبد العزيز وجميع الشهداء البررة و جزاءهم الله عنا كل خير
يوم 31 ماي 2021
ابا الحيسن
رئيس اللجنة الوطنية الصحراوية لحقوق الانسان