الكاتب الصحفي الصحراوي بابا السيد العروسي لـ"الشروق": تأكد المغرب اليوم أن الشرط الأساسي للتعاقد مع أوروبا هو احترام القانون
كيف تقرأ قرار المحكمة الأوروبية؟
لقد تأكد المغرب اليوم وقبل أي وقت مضى من خلال هذا الانتصار التاريخي للشعب الصحراوي، بأن الشرط الذي لا غنى عنه للفوز بالعقود مع الإتحاد الأوروبي هو احترام القانون الدولي، بدءا من القانون الأوروبي نفسه.
وجاء قرار المحكمة الأوروبية للتأكيد على أحقية الشعب الصحراوي في ممارسة سيادته الوطنية واستغلال خيرات وطنه ومحاكمة كل من ينهب ويستغل ثرواته من دون موافقة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي، جبهة البوليساريو.
ماذا بعد هذه الخطوة، وما هي مجالات تحرك جبهة البوليساريو؟
إن المغرب مثله مثل أي قوة استعمارية سيحاول إدامة احتلاله من خلال الطعون وتضليل المجتمع الدولي بشأن القرارات التي اتخذت في إلغاء اتفاقي الشراكة والصيد البحري الموقعين ما بين الإتحاد الأوروبي والمملكة المغربية.
لذلك فالمعركة مستمرة وستبقى مستمرة وفي كافة المجالات السياسية والعسكرية حتى يحقق الشعب الصحراوي استقلاله التام.
نكسة وراء نكسة يتعرض لها النظام المغربي، أي تأثير لهذا الوضع على القضية الصحراوية؟
يجب أن نفهم أن اعتماد منطق اللوبيات وشراء الذمم وقوانين التجارة والمقايضة لا يعتمدون فيما يتعلق بحقوق الشعوب وسيادتها، واستغلال ثرواتها وحيازة أراضيها كما تجلى في ردة فعل المحكمة الأوروبية وقبلها المجتمع الدولي ورفضه لما لا يتناسب والقانون الدولي المعترف به.
لقد أجبرت المعارك القانونية والعسكرية والدبلوماسية المغرب بأن يستنجد باستدعاء حلفائه من الصهاينة. ولكن بفضل الدبلوماسية الجزائرية المشهودة، الضاربة بقوة وهي التي أوقفت الاستفزازات والعرقلة المغربية في الصحراء الغربية، وزجر العبث المغربي بأمن واستقرار المنطقة، فاتخذت الجزائر خطوات متصاعدة، كان أبرزها، وقف التجديد لاتفاقية نقل الغاز الجزائري إلى إسبانيا عبر الأراضي المغربية، واسترجاع أراضي حدودية جزائرية، وكذا قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط، ومنع الطيران المغربي والحامل لأرقام مغربية من التحليق في الأجواء الجزائرية.
لقد أجبرت كل تلك الخطوات المخزن على الاندحار دبلوماسيا، والرجوع إلى مربع الصفر، واستعطاف الوساطات.
أضف إلى ذلك، زيادة وتيرة هجمات الجيش الصحراوي واتساع نطاقها وتنوع أهدافها، واحتمالية تصعيد جزائري قادم، كما أكد ذلك مسؤول بارز، وثبته قائد أركان الجيش الجزائري سعيد شنقريحة، في خطاب ناري وصارم له قبل يومين، محذرا المخزن من “التمادي في المؤامرات والدسائس ضد الجزائر”، مؤكدا أن “الجزائر ستتصدى بكل حزم للمؤامرات، ولن تتخلى عن مبادئها الثابتة وقيمها النبيلة”.
وهذا كله انتصار لآخر مستعمرة بإفريقيا وبوادر لنهاية آخر نظام متسلط بإفريقيا لا يحترم الشرعية الدولية ولا يؤمن بالقانون الدولي.
وزير خارجية المغرب يقول في بيان مشترك مع الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، يقول إنه من الضروري استمرار العلاقات التجارية بين الطرفين، ما قانونية هذا بعد قرار المحكمة؟
بعد ما خلصت المحكمة العامة الأوروبية إلى أن جبهة البوليساريو شخصية اعتبارية ومعترف بها دوليا كممثل للشعب الصحراوي.
وأيد حكم محكمة لوكسمبورغ الطعون المقدمة من قبل جبهة البوليساريو، ممثلة الشعب الصحراوي رغم أنه أبقى على تطبيق الاتفاقات المذكورة “لفترة زمنية معينة” من أجل “الحفاظ على العمل الخارجي للاتحاد والأمن القانوني لالتزاماته الدولية”، ورغم هذا كله، إلا أن بوريطة وبوريل لم ولن يقرا بالهزيمة القانونية أبدا، رغم أنها سياسة عهدناها من قبل نظام المغرب وأعوانه.
فمثلما حاول إشراك كثير من الأطراف في نهب واستغلال خيرات الشعب الصحراوي وجعل أراضيه نقطة للعبور نحو إفريقيا، وزيادة التوجه نحو الاستثمار الدولي في ميدان الموانئ وحركة العبور والشحن، وتجاوز وتضليل الرأي العام بعدم وجود حرب بالمنطقة، ها هو اليوم وأمام هذا الفشل الذريع يحاول أن يجعل من فشله انتصارا.
المصدر: الشروق اونلاين