-->

إنكماش دبلوماسية الإحتلال المغربي…! (بقلم: عالي محمد لمين)

 


 بكلمات متثاقلة وغير منسجة، وعبارات مقتضبة ومتناقضة، توجه يوم الاثنين 27 سبتمبر الجاري عبر خاصية الفيديو وزير خارجية الإحتلال المغربي المدعو ناصر بوريطة بكلمة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها ال77، مر من خلالها على عجل بالقضية الصحراوية، مكررا الأسطوانات التوسعية المشروخة كالدعوة إلى ما أسماه “حل دائم ومقبول ومتفاوض عليه مبني على الحكم الذاتي”، فما دلائل الخطاب؟، وهل هي بداية النهاية ليساسات الإحتلال الإستفزازية، المستقوية بتغريدة ترامب والدعم الصهيوني؟.

تؤشر معطيات عدة، منها، محتوى الخطاب، ولغته المتناقضة، وصيغته، والإلقاء المحتشم له، والنبرة الخافتة، والمرور السريع على الملف الصحراوي، والإقتصار على كلمة عبر الفيديو، وواقع الصمت الذي تعيشه دبلوماسية المخزن المغربي وعرابها بوريطة خلال الأسابيع القليلة الماضية، من بين معطيات أخرى، تؤشر على إنتقال الإحتلال من ما وصفته الدعاية المغربية في السنوات الخمس الأخيرة ب”الدبلوماسية الهجومية”، القائمة على القنصليات الوهمية، وشراء الذمم، والسياسات الإستفزازية، وإستخدام أوراق الإرهاب والهجرة والمخدرات للإبتزاز، وإستقطاب القوى الأجنبية والعدو الصهيوني للتدخل في المنطقة، واستعطاف المحميات الخليجية لحب أموالها، عبر أكذوبة “دعم ايران وحزب الله للبوليساريو”!، حيث وجدت مملكة التطبيع التشجيع في تغريدة الرئيس الأمريكي السابق المتهور ترامب، وعاملا للإستمرار في التغول والإستفزاز والتعنت، خاصة مع إنشغال الجزائر بترتيب أوضاعها الداخلية وتقويتها وتحصينها، وهو ما جعل الدعاية المغربية تعيش أحلام اليقظة، فتعتقد بأن القضية الصحراوية “حسمت” لصالح الإحتلال المغربي، وتؤشر المعطيات الجديدة إلى إنتقال مملكة التوسع من “دبلوماسية الإستفزاز” إلى “دبلوماسسية المهادنة” وشراء ود الحليف، بخطابات مستكينة تبطن ما لا تظهر، لتجاوز هذا الإنقلاب الدبلوماسي الجذري في المنطقة، الذي أعقب النهضة الدبلوماسية الجزائرية، حيث بدأت هذه الأخيرة في تقليم أظافر المخزن وتأديبه.


يأتي الخطاب البوريطي المحتشم، عقب صحوة دبلوماسية جزائرية، حاصرت التوجه الإستفزازي المغربي، المدعوم إسرائيليا، وخليجيا، وأجبرت المخزن التوسعي على التراجع بخطوات، والنكوص والتقهقر إلى دائرة الدفاع، وكبحت “التغول البوريطي” إن صح التعبير، نهضة دبلوماسية نوعية، كان منها، سلسلة لقاءات وزيارات لعديد الدول أجراها رأس الدبلوماسية الجزائرية وزير الخارجية الجزائري رمضان لعمامرة، شملت دولا إفريقية وعربية، كما أجرى الوزير خلال الأيام الماضية لقاءات مكوكية مع نظرائه، على هامش إنعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة ال76، كان الملف الصحراوي في صلبها، كما تأتي كلمة بوريطة، بعد ساعات فقط من خطاب صريح ومباشر من رمطان العمامرة، والذي أوضح فيه دعم بلاده بكل فخر وإعتزاز لجميع القضايا العادلة، وفي مقدمتها كفاح شعبنا التحرري وشقيقه الفلسطيني، مؤكدا دون مواربة أن “حق الشعب الصحراوي حتمي وثابت وغير قابل للتقادم”، مجددا أن “تنظيم استفتاء حر ونزيه لتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره وتحديد مستقبله السياسي، لا يمكن أن يظل إلى الأبد رهينة لتعنت دولة محتلة أخفقت مرارا وتكرارا في الوفاء بإلتزاماتها الدولية”، ومذكرا أن الجزائر تدعم “قرار مجلس السلم والأمن الافريقي بالشروع في مفاوضات بين المملكة المغربية والجمهورية الصحراوية”.


لقد أجبرت الحرب التي يخوضها الجيش الصحراوي ضد الغزاة المحتلين منذ 13 نوفمبر المنصرم، عقب الخرق المغربي بمنطقة االكركرات، وكذا النهضة الدبلوماسية الجزائرية المشهودة، الساعية بقوة إلى وقف الإستفزازات والعرقلة المغربية في الصحراء الغربية، وزجر العبث المغربي بأمن وإستقرار المنطقة، وإستدعائه للصهاينة لإختراق شمال إفريقيا، فأتخذت الجزائر خطوات متصاعدة، كان أبرزها، وقف التجديد لإتفاقية نقل الغاز الجزائري إلى إسبانيا عبر الأراضي المغربية، وإسترجاع أراضي جزائرية على الحدود مع المغرب، وكذا قطع العلاقات الدبلوماسية مع الرباط، ومنع الطيران المغربي والحامل لأرقام مغربية من التحليق في الأجواء الجزائرية، وقد أجبرت كل تكل الخطوات الصحراوية والجزائرية المخزن على الإندحار دبلوماسيا، والرجوع إلى مربع الإنتظار، واستعطاف واستجداء الوسطات.

ومع توقعات بزيادة وتيرة هجمات الجيش الصحراوي وإتساع نطاقها وتنوع أهدافها، وإحتمالية تصعيد جزائري قادم، كما أكد ذلك مسؤول بارز، وثبته قائد أركان الجيش الجزائري سعيد شنقريحة، في خطاب ناري وصارم له يوم الثلاثاء 28 سبتمبر الجاري، محذرا فيه المخزن من “التمادى في المؤامرات والدسائس ضد الجزائر”، مؤكدا أن “الجزائر ستتصدى بكل حزم للمؤامرات، ولن تتخلى عن مبادئها الثابتة وقيمها النبيلة”، فهل سيكون الصمت المغربي المستمر منذ أسابيع وخطاب بوريطة المتقهقر بداية النهاية لدبولماسية الإستفزاز، ومقدمة لإتساع نطاق الإنكماش الدبلوماسي المغربي المتسارع، وتزايده مع الأيام؟.

بقلم : عالي محمد لمين

Contact Form

Name

Email *

Message *