المغرب في الاتحاد الإفريقي: الدودة في التفاحة
ارتكب الاتحاد الإفريقي خطأ استراتيجيا وتاريخيا بقبول المغرب عضوا فيه منذ سنوات، وسيظل هذا الاتحاد يعض أصابع الندم بسبب ذلك الخطأ الفادح إلى أجل غير مسمى. فمنذ طُرد المغرب من منظمة الوحدة الأفريقية سنة 1984م، لم نسمع حدوث أي مشكلة، ولم نسمع رشاوي ولا مشاحنات، ولم نسمع أية صدامات، ولم نسمع بوجود إسرائيل أو فرنسا في كواليس الاتحاد الإفريقي، كما لم نسمع انقساما بين الدول الأعضاء في الاتحاد، وكانت قمم الاتحاد الإفريقي تمر كاحتفالات مليئة بالعناق والبسمات، ويخطب الزعماء بدون تعقيدات وبدون خلفيات، والجميع يريد تقدم إفريقيا. حين دخل المغرب إلى مفاصل هذا الاتحاد بدأت المشاكل، وبدأت التكتلات، وبدأت الرشاوي والشكاوى، وساد جو من الخوف والمشاحنات في قاعات المؤتمرات، ولم يعد القادة الافارقة يفكرون في طرح اقتراحات تتقدم بها القارة، وأصبح همهم هو أن تمر قمتهم بسلام. منذ دخل المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، لم تمر قمة إلا وفيها مشاكل وفضائح بطلها المغرب؛ مرة أدخل إسرائيل إلى القاعات، ومرة رشح إسرائيل لعضوية مراقب، ومرة تهجم على الوفد الصحراوي، ومرة ضُبط متلبسا بتقديم الرشوة، ومرة ضُبط دبلوماسيوه يزرعون الكاميرات في القاعات، ومرة انتزعوا علم الجمهورية الصحراوية من بين الاعلام الافريقية، وأصبح أي بلد ينظم قمة الاتحاد الإفريقي يضع الف حساب لهذه السوسة المدسوسة. ولا يفتعل المخزن المشاكل في الدورة العامة للاتحاد فقط، لكن يفتعلها في اللجان الفرعية أيضا، ولا يتذكر الافارقة إنهم، منذ عودة المغرب، قد عقدوا جلسة أو مؤتمرا دون مشاكل. في القمة الأخيرة في اثيوبيا، وبسبب سلوك المخزن، عادت المشاحنات، وعاد المخزن إلى خلق المشاكل، واستطاع خلق شرخ بين أعضاء الاتحاد الإفريقي، بل دفع به الحقد إلى محاولة تفجير وحدة القارة. انقسمت القاعة إلى قسمين، وأصبح رؤساء الوفود المؤيدة للمغرب في جناح ورؤساء الوفود المدافعة عن القانون في جناح آخر، وكادت بعض الجلسات تتحول إلى حلبات ملاكمة، وهذا كله بسبب هذه الدودة المغربية التي تنخر في تفاحة الوحدة الإفريقية .
السيد حمدي يحظيه